ابراهيم كركور الميعاد ( جريدة وجدة سيتي )
تعد أخلاقيات الوظيفة العمومية من أساسيات النجاح لأنها تعكس ثقة الإدارة بموظفيها وأجهزتها، وكذلك ثقة المجتمع. إن الالتزام بالأخلاقيات الوظيفة سوف يقود إلى تطوير العاملين ويعكس الاهتمام الذي يوليه الموظف للالتزام بعناصر أخلاقيات المهنة، كالشفافية والنزاهة، وتظهر الأخلاقيات بشكل واضح في الضمير المهني للموظف، حيث إن الإخلال بالضمير المهني يؤثر بشكل مباشر على السير العادي للإدارة وعلى مصالح المرتفقين . إن تنمية الالتزام بالمثل والقيم الأخلاقية والاعتبارات القانونية والسلوكيات الايجابية تعتبر من الفلسفات الرئيسية التي ينبغي وضعها في المقام الأول. إن فاعلية الإنسان وكفاءته ترتبط وتتأثر بإيمانه العميق واقتناعه بالقيم الأصيلة والمثل الأخلاقية العالية التي تدفعه إلى تنمية معارفه العلمية ومهاراته السلوكية والعلمية نحو تحسين الأداء، إن التحدي الكبير لا يكمن فقط في القدرة على استيعاب المعرفة والتكنولوجيا بقدر ما يكمن في القدرة على صياغة قيم الضمير المهني في إطار تراثنا وثقافة المجتمع وشرائعه السماوية، ولا يتأنى ذلك إلا من خلال دراسة الواقع وما يرتبط به من ظواهر ايجابية أو سلبية في الوحدات الإدارية. اتساقاً مع ما ورد أعلاه نجد أن أخلاقيات الوظيفة تتمثل بمدى التزام الموظف بواجباته الوظيفية وبضميره المهني كما يحددها القانون، ويعتبر الموظف مقيداً بقواعد العمل وتعليماته، ولعل من أهم صفات الضمير المهني حرص الموظف على المصلحة العامة بعيدا ان مصالحه الشخصية وانتمائه الحزبي ونقابي. إن علاقة الضمير المهني بالأداء الوظيفي يمكن إجمالها من خلال محورين رئيسين، أولها علاقة الموظف بالمرتفقين، و الثانية من خلال علاقة الموظف بعمله والمعبر عنها باحترامه القوانين التنظيمية الجاري بها العمل. فالمحور الأول يتمثل في عدالة الموظف وعدم تحيزه في التعامل مع الآخرين وعدم تفعيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، أما المحور الثاني فيرتكز في علاقة الموظف بالقوانين والأنظمة والتعليمات من خلال التطبيق السليم لها، وعدم استغلال موقعه الوظيفي والحفاظ على المال العام واحترام وقت العمل، وزملائه في المهنة. إن أخلاقيات الوظيفة تتشابه إلى حد كبير من المعايير والقيم التي تركز عليها مع أخلاقيات الإدارة في القطاع الخاص، فالنزاهة والأمانة والامتثال للقانون وغيرها هي مبادئ أخلاقية ضرورية في المؤسسات الحكومية كما هي ضرورية في القطاع الخاص. إن مرونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة ضرورة في المؤسسات الحكومية ليس فقط في جعل الوظيفة أكثر استقامة واستجابة للتطور المهني في حقل الإدارة وأداء الواجبات بطريقة فعالة، بل بتقديم الخدمة الجماعية على الخدمة الذاتية، وهذا هو جوهر الصراع بين الفرد ومبررات قيامه للفساد حيث إن المواجهة الحقيقية للفساد لا تكون بين القواعد والنظم والإجراءات إن ما يكمن في النفوس والاتجاهات والضمائر. إذن ما ينبغي التأكيد عليه هو اعتماد الحصانة والاستقامة والرقابة الذاتية في مواجهة الفساد ليس الانخراط فيه، والتي عادة ما تغير من القيم والمعتقدات بعيداً عن حسابات الربح والخسارة. في هذا السياق يمكن أن تلعب أخلاقيات الوظيفة دوراً فعالاً في إدارة هذا البعد الإنساني وعوامل الروح في مواجهة الفساد، حيث الأخلاقيات لا تحارب فقط الفساد وحسب بل تنمي الإحساس العميق في نفوس الأفراد العاملين والمواطنين بالفخر والاعتزاز. إن دعم البعد الإنساني في الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية لابد أن يأتي بمشاركة فعالة من قبل الجمعيات المهنية الخاصة بالإدارة أو الجمعيات المهنية القطاعية للموظفين. وفي الأخير فالمنطق يقضي من الموظف كما يطالب بحقوقه في الترقية والحركة و الاستياء من كثرة المهام يقضي كذلك المنطق التعامل بضمير مهني يراع فيه رب العباد قبل العباد.